الرئيسية

الدكتور محمود زايد يكتب: كردستان في عيون قاضي قضاة داعش  

0 21

 

بنفس القدر الذي أُعجب فيه مشاهدو ومتابعو مسلسل «ليلة السقوط» بأداء الفنانَينِ المصريَينِ (أحمد صيام وطارق لطفي)، أثارني حديث الفنان أحمد صيام أحد أبطال المسلسل عن انطباعاته حول إقليم كردستان والشعب الكردي خلال ثلاثة أشهر عاشها هناك أثناء تصوير المسلسل عام 2021م، متنقلاً بين أربيل وعقرة وشقلاوة ودهوك وشيخان وغيرها. ولخَّصَ موقفه بقوله: «سافرت بخوف وذهنية وانطباعات قلقة عن الكرد وكردستان، ثم انبهرت بمجرد وصولي مطار أربيل وتجوالي في عاصمة الإقليم، من حجم ما رأيت من حياة وعمران وروح سيمفونية التعايش بين كل مكوناته القومية والدينية والمذهبية.. حقًّا لقد كنتُ أشعر أنني في سويسرا.. إنني أتوقع لأربيل بمزيد من العمل الدؤوب من مسؤولي إقليم كردستان وشعبه أنها ستتفوّق على دبيّ وبعض مدن الخليج».

جاء هذا الكلام في لقاء لنا معه قبل ساعات في القاهرة، بحضور الأستاذ شيركو حبيب ممثل البارتي في مصر، دام نحو خمس ساعات من الحديث الشيق والمثير دون ملل أو كلل.

بدأ الفنان أحمد صيام حديثه بتأنيب نفسه والكثيرين من وسطه الفني المصري من حيث كيف يكون لديهم في الشرق الأوسط هذه المنطقة الكردية المبهرة بطبيعتها الخلابة، وعمرانها المميز، وطيبة أهلها، وجمالية تعايشها، وهو وأمثاله لا يعرفون عنها شيئا سوى ما يتردد هنا وهناك من بعض المعلومات السلبية المخيفة والتفخيخية المغايرة تمامًا للواقع!

طيلة اللقاء، بدى لنا “صيام” بعقليته الراجحة، وثقافته الواسعة، وذهنه الحاضر، وروحه المرحة كعادة الكثير من المصريين “ولاد البلد” خفيفي الظل. بهذه الكينونة شدَّني “أحمد صيام” إلى حديثه في كيف أنه سعيد وراضٍ بأدائه شخصية قاضي قضاء داعش “أبو الوليد” في مسلسل “ليلة السقوط”، ليس لنجاحه فحسب كفنان في تجسيد الشخصية ونجاح زملائه في المسلسل بشكل عام، ولكن أيضًا لأنه شعر أنه أدى جزءًا من دوره وواجبه للرأي العام العربي والكردي بفضح بعض جرائم داعش المرتكبة في حق الضحايا والأبرياء عمومًا، على رأسهم الكرد والمسيحيون، ولاسيما الإيزيديات في شنكال وغيرها. يقول: إنه قد شاب شعره وأصابته الصدمة في أثناء الإعداد للمسلسل من هول ما قرأ وسمع عما قامت به داعش مع الإيزيديين، وأن ما أظهره عموم المسلسل لا يمثل إلا قليلا من حجم الحقيقة المفجعة والمرعبة!

أمر مهم أيضًا أكد عليه الفنان أحمد صيام، أن “ليلة السقوط” نجح في إيصال رسالة مهمة للرأي العام العربي عن الدور الكبير الذي قام به الشعب الكردي وقوات البيشمركه في محاربة داعش والتصدي لها، ودورهم في إيواء اللاجئين، وكيف أن حكومة إقليم كوردستان لم تبخل بأي مال أو جهد هدَفَ إلى تحرير أسرى والضحايا الإيزاديات من قبضة داعش الإرهابية.

وعن سؤالنا له: هل هناك نية لجزء ثان للمسلسل؟ أجاب: أنه لا يعتقد ذلك، لكن هناك دراسة وإعداد حاليًا لعملٍ فنيٍّ كبيرٍ – اعتذر عن الإفصاح عن فحواه – لكني أستشف وأتوقع أنه يتعلق بتاريخ ونضال الشعب الكردي. وقال إن طبيعة المجتمع الكردي ثرية ومتنوعة، بحيث إن كل جزئية فيه تستحق أن يكون لها عملُ فنيٌّ خاص، كالعادات والتقاليد، والثقافة الفلكلور، والاستثمار والسياحة، والسياسة والنضال.

في خضم إعجابه بحالة التعايش السلمي والنفسي بين الكردي السني والشيعي والمسيحي والإيزيدي واليهودي والبهائي والكاكائي وغيرهم من مكونات إقليم كردستان وتكاملهم فيما بينهم، ومع شكره حكومة إقليم كردستان والرئيس مسعود البارزاني على تقديم الدعم والتسهيلات لهم أثناء وجودهم في أربيل..، في خضم ذلك أبدى قاضي القضاة “أبو الوليد” عتبه كثيرًا على المقصرين من أهل أقليم كردستان ومسؤوله في الترويج لما يتمتع به بلدهم من ثروات سياحية واستثماراتية جذابة، وطالب بضرورة التأسيس لمؤسسة دعائية إعلامية فنية عالية المستوى لإيصال الرسالة إلى عموم شعوب المنطقة العالم.

ولما سألته: ما رأيك في اعتقاد البعض أن إقليم كردستان يعدُّ خصمًا لدول وشعوب المنطقة؟ رفض ذلك بصوت عال، مؤكدًا أن الإقليم والشعب الكردي إضافة إيجابية مهمة للمنطقة ويجب على الجميع استثمار ذلك.

 

*الكاتب أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الأزهر- خبير بالشؤون العربية والشرق الأوسط

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.