بعد أن أصبح اللعب على المكشوف بين جميع القوى الرئيسية في العالم، زاد التوتر وكثرت المخاضات الرخوة التي تنطلق وستنطلق منها شرارات الحرب ومقدماتها ، و برغم ارتفاع المخاوف من الدمار والكساد الذي تسببه الحروب إلا أنها لم تؤد إلى خفض العنف ولا منع التوتر أو تبطيئ الإندفاع نحو الإشتباك الكبير ، وتعالت أصوات الشحن والتوجيه وهوما يؤكد أنها قادمة لا ريب فيها ، وهي حتمية تاريخية ، ومن هذه المقدمات تباديل التحالفات وتعديلاتها وتغييرات في موازين القوى ومعادلات الضغط ، و لعل نجاح المخابرات العامة المصرية (عقل مصر) في إدارة ملفات التحدي بداية من الإقتصاد الذي بدأ يتعافى مرورا بحالة الأطراف المشتعلة حول حدودها ، ولم يقتصر عليها وإنما امتد النجاح والتأثير في نطاقي ظل القوة وإمتداد الظل (نيجيريا وتشاد وتنزانيا و العراق وغيرها ) وإعادة التحالف مع تركيا إضافة إلى القوة السعودية لمواجهة الأخطار التي تواجه العالم السني والوطن العربي في إطار التصالح على المصالح و تحديد أولويات التعاون ، والعودة إلى الصومال ومحاصرة أثيوبيا للعمل على وقف الحرب في السودان أو على الأقل إعادة التوازن ثم القفز بالتفوق ، مما سيؤدي إلى خفض التوتر ومنع العنف في ليبيا والعودة إلى مسار توحيد مؤسسات البلاد ، وإجراء الإنتخابات الرئاسية –المعطلة منذ سنوات – من خلال حكومة جديدة ، بعد أن كانت إجراءات البرلمان الليبي ومجلسي الدولة والرئاسة ل قد توقفت ، رغم انتهاء البرلمان من فحص ملفات المرشحين وإجازة 5 منهم أستوفوا كامل الشروط وانحصرت فيهم المنافسة ، ولكن عددا من الحوادث أخرت البدء في الإجراءات النهائية لإختيار رئيس الحكومة ومنها أزمة ورقة التصويت في انتخابات رئيس المجلس الأعلى للدولة التي فاز فيها خالد المشري فأثار منافسه محمد تكاله الزوابع – محسوب على عبد الحميد الدبيبة – ، ثم أزمة البنك المركزي وإقالة الصديق الكبير ، والآن ، بعد تحركات الدولة المصرية وإعادة ترميم تحالفاتها وتأكد احتياج الدول الكبرى والقوى الإقليمية لمصر في ملفات عديدة واستغلته القاهرة في التوافق معها على ملفات (ظل القوة وامتداد الظل ) ، فبدأ ينعكس على ليبيا وهو ما يدفع للتفاؤل بانجاز البرلمان الليبي ملف الحكومة الجديدة ، و لم يبق أمامه سوى أن يعلن البدء في إجراءات أختيار رئيسها لتشكيلها ، وهو إن حدث سيشل قدرة عبد الحميد الدبيبة على إشاعة التوتر في الأجواء الليبية وإهدار أموال الليبيين والإستمرار في نبرة التحدي ، رغم أنه لم يعد مقبولا ولا حكومته مرغوبة حتى في مواطن أعضائها في مدن الغرب ، حتي الميليشيات المسلحة باتت تفتقد الثقة فيه ، و لم يعد الدبيبة نفسه يثق فيها ، بل وأصبح ينظر بريبة شديدة وحسد إلى بعض زعمائها لأنهم كما قال لجلسائه أصبحوا مليارديرية من دماء الليبيين وخوفهم، و أنه يجب محاسبتهم وتجريدهم من هذه الأموال ، وهل يعقل –كما قالل – أن ينشئ قائد ميليشا شركة قابضة تتبعها ثلاثون شركة ، وهو ما وصل إلى بعضهم فزاد التوجس بينهم وانعدمت الثقة وزادت الريبة، بما ينذر بتحرشات عسكرية يمكن أن تقود إلى إضرام نار لن يطفئها أحد، فضلا عن النهب المستمر لأموال الليبيين وأخرها المليارات الأربعين ، ولهذا فإن من الذكاء الإستفادة من معطيات المحيطين الإقليميين لليبيا بفعل التقارب المصري التركي وإتفاق الدول الكبرى مع مصر في ملفات عديدة والإسراع بتشكيل حكومة جديدة لوقف التدهو ومواجهة الجوع في ليبيا ، وبنظرة على المجازون الخمسة نجد أن المهندس محمد المزوغي هو الأنسب لرئاسة هذه الحكومة المصيرية في ليبيا والتي سيمتد تأثيرها إلى دول الجوار السودان وتشاد والنيجر ومالي ، وهو الأوفر حظا لما يتمتع به من ثقل قبائلي وجهوي،فهو من الغرب ويحوز على ثقة القبائل في الشرق والجنوب، والرجل يمتلك منطقا قويا ورؤى واقعية لأزمة ليبيا ويدرك حجم بلاده والأخطار التي تواجهها بسبب ثرواتها وحجم المطامع فيها و يعرف كيف يتعامل مع أصحابها بالمشاركة في المصالح وتبادل النفع والفائدة موفرا على بلاده الدمار والدماء ومنع العنف وتأمين حياة الناس ، يؤمن المهندس محمد المزوغي أن الشراكة الإستراتيجية الندية والواضحة هي التي ستفيد الجميع بما لايجور على الحق الليبي العام وسيادة شعبها على أرضه وحرية قراره في اختيار رئيسه القادم ، وهنا لم يعد أمام البرلمان الليبي إلا أن أسماء المقبولين لاختيار رئيس الحكومة منهم ، وإن حدث هذا الإعلان سينفض الجميع من حول الدبيبة لتجريدة من الشرعية التي يستند عليها فيعبث بأموال الليبيين ، وستبتعد الميليشيات المسلحة عنه فيقد بعض القوة التي كان يهدد الغير بها وسيقفز الوزراء من مركبه قبل أن يغرق ويتضاءل التعامل الدولي معه باعتبار حكومته فاقدة الصلاحية ، خاصة أن جميع الفاعلين في الملف الليبي داخليا وخارجيا متفقون على أختيار حكومة جديدة ومتفقون على إجراء الإنتخابات الرئاسية ، الوقف الآن في يد البرلمان