صدر عن دار فرست بوك للنشر والتوزيع، كتاب المستشار إيهاب الخولي رئيس محكمة الاستئناف العالي “دعوى بطلان حكم التحكيم الوطني والتجاري الدولي والرياضي بين النص والتطبيق” ويكون متاحا لجمهور معرض القاهرة الدولي للكتاب 54 في يناير المقبل.
متحدثا عن “شمس العدالة الغائبة” يقول المستشار إيهاب الخولي:
تجاوزت أهمية التحكيم – خاصة – كأحد آليات الوسائل البديلة لفض المنازعات حد الوقوف به عند تداعيات العجز التشريعى أو الجمود الفقهى، ومن ثم أحكام قضائية تصادر على إرادة أطرافه فى ولوج محراب التحكيم، فسايرت إرادة النضوج الفقهى أهميته تلك ورصدتها الأحكام القضائية فى أطر أحكامها بالتوسع فى تفسير إتفاق التحكيم المستوفى لشرائطه القانونية شرطآ كان أم مشارطة.
وهو ما نتفق معه لقدم بوتقة التفسير الضييق له لخروج التحكيم على الأصل بإختصاص قضاء الدولة وعدم مواكبة ضيق التفسير لإتفاقه للتطور المتلاحق للنمو الإقتصادى والمتغيرات السياسية والإجتماعية فى عصر إتحد فيه الزمان بالمكان بين أطراف الإرادة التحكيمية على اختياره دون تفريط فى الوقوف على حقيقة نواياهم.
ويتابع الخولي: إذ كان التحكيم كشأن العمل البشرى يتسم بالنقصان دون الكمال ومن ثم كانت دعوى البطلان لعدم تحصين أحكام المحكمين مما يشوب أحكامهم من أخطاء. إلا أن فكرة ما سادت فى الفقه المصرى تنطوى على أن دعوى البطلان تقتصر على مراقبة الخطأ فى إجراءات عمل المحكم ولا تتسع لمراقبة الخطأ فى التقدير بزعم حصر حالاتها، فلا يخضع لها الحكم التحكيمى وإن كان جائرآ وإن أخطأ ويظل بالرغم عنها صحيحا ولكنه ليس عادلا، وقد شاع تطبيقها فى بعض أحكام القضاء والتحكيم، فكان السواد الأعظم مناهضآ لرأي آخر أيدناه.
ويؤكد الخولي: تزايدت أحوال خطأ المحكم فى تطبيقه للقانون وعدم خضوعه رغم ذلك لدعوى البطلان حين تزايد التوسع فى إتفاق الأطراف على اللجوء للتحكيم بداءة دون قضاء الدولة، لما أفرزته فكرة رقابة عمل المحكم على الإجراء دون التقدير من عصمت خطأه مما يخضع له القاضى حال خطأه المهنى من دعاوى المخاصمة بل وعصمت خطأ المحكمين من عدم تطبيقهم لمقتضيات العدالة بتصحيح ما شابت أحكامهم من البطلان جراء فكرة التضييق من دعواها، ما أدى لعدالة موءودة بأيدي أطراف التحكيم الذين نشدوها باللجوء إليه تارة، ولعدالة جائرة حينئذٍ تارة أخرى، لدى التوسع فى تفسير أسباب إتفاق التحكيم والتضييق فى حالات دعوى البطلان، إذ غَلق أبواب اللجوء لمحاكم الدولة وراقب الإجراء دون الموضوع، ما كان يتعين أن يتزامن معه التفسير الواسع لكليهما فأدى التضييق فى تفسر دعوى البطلان دون إتفاق التحكيم لغياب شمس العدالة التحكيمية، بما غابت معه شمس المساوة الدستورية والقانونية بين القضاء والتحكيم، ومن ثم إفراغه من مضامينه فلا عاصم من خطأ المحكم وإن كان بزعم تفويض الأطراف له بالقانون.
ويشير الخولي إلى أن التشريعات الحديثة تبنت قواعد لجنة الأمم المتحدة لقوانين التجارة الدولية ( Uncitral ) التى قصرت الطعن على حكم التحكيم بدعوى البطلان لأسباب إرتأينا مخالفة الرأى الفقهى السائد بورودها على سبيل الحصر، سيما حين تتمثل في الخروج على إرادة الأطراف الصريحة ومخالفة المبادئ الأساسية للتقاضي، سيما فى ظل مفهوم النظام العام وأثر التباين بين مدلوله الداخلى والدولى.
ويلفت المؤلف إلى أز الأمر أصبح معقدآ فى ظل ذلك الخضم من معترك مقاصد الفلسفة التشريعية للنصوص وما استهدفته من غاية مواكبة العالم ربما على حساب سمو قواعد دستورية أو غموض ألفاظ النصوص والقياس جراء ذلك عليها دون مقتضى ما نعينا به على بعض أحوال القانون رقم 27 لسنة 1994بشأن التحكيم وما صاحبه من تطبيق. فكان لزامآ علينا توثيق و تفنيد الحجج والأراء إيرادآ وردآ فى ضوء رحابة النصوص المنظمة لدعوى البطلان وشمولية إتساع مراجعة خطأ المحكم فى الإجراء والتقدير، ليتسق النص والتطبيق الصحيح فيتسم العمل التحكيمى بسلامته الدستورية.
وفي شأن مواز يؤكد الخولي: لم تكن الرياضة بمعزل عن ذلك المعترك حين إرتأت بعض الإتفاقيات الدولية ضرورة إبعاد الرياضة عن سلطان الدول وسيادتها الداخلية أو الخارجية، أصبح للتحكيم أهميته الخاصة فى المنازعات الرياضية المتمثلة فى الخلاف الرياضى ذات الطابع القانونى الوطنية منها أو الدولية على السواء.
ويرى الخولي أن الدستور المصرى الحالى أولى فى مادته ال 84 اهتمامه بشأن سن قانون للرياضة يستهدف مواكبة المنظومة الرياضية الدولية، وهى إحدى الغايات التى سن من أجلها قانون الرياضة رقم71 لسنة 2017 وضمنه تسوية …